لقد أوضح ألبرت اينشتين * في نظريته النسبية الخاصة * أنه من أهم الأسباب التي أدت إلى العديد من المشاكل واللبس الذي وقع فيه العلماء في أواخل القرن التاسع عشر ترتبط بالطريقة التي نتبعها في قياس أطوال الأجسام وكتلها، وخاصة الأجسام التي تتحرك بالنسبة إلينا. وكذلك عند قياسنا للفترة الزمنية بين حدثين متتاليين. وقد أوضح أينشتين أن هناك طريقتين مختلفتين لقياس طول جسم من الأجسام. فعلى سبيل المثال، نفرض أن المطلوب قياس طول إحدى عربات قطار متحرك. في هذه الحالة يمكن إجراء هذا القياس بواسطة مشاهد بداخل العربة، أي مشاهد ساكن بالنسبة للعربة ويتحرك معها. ولنفرض أنه، بحسب قياسات هذا المشاهد، وجُد أن طول العربة (ل.) . أما إذا قام مشاهد آخر، يقف على رصيف المحطة، بإجراء عملية القياس لنفس العربة أثناء مرور القطار أمامه متحركاً بسرعة منتظمة (ى) فإنه في هذه الحالة سوف يستخدم وسائل أخرى مناسبة كي يتمكن من حساب طول العربة، ولنفرض أنه قدر طول العربة بالقيمة (ل) حسب قياساته هو. ومن الطبيعي أن يختلف التقديران. وقد وجد أينشتين باستخدام «تحويلات لورنتز» * أن العلاقة بينهما هي:
ل= ل ؟ 1 ـ ى 2/ج 2 حيث ج هي سرعة الضوء، وحيث أن سرعة القطار ى تكون عادة أصغر كثيراً من سرعة الضوء ج فإن ى 2/ج 2 تكون أصغر من الواحدالصحيح. وعلى ذلك فإن ل تكون أصغر من ل.، أي أن تقدير المشاهد الواقف على رصيف المحطة لطول العربة التي تتحرك بالنسبة إليه يكون أقل من تقدير المشاهد الساكن بالنسبة للعربة لهذا الطول. أي أن المشاهد الذي تتحرك العربة بالنسبة إليه يخيل إليه كما لو كان طول العربة قد انكمش. وقد عرفت هذه النتيجة باسم «انكماش فتزجيرالد» على اسم العالم الأيرلندي فتزجيرالد الذي يقال إنه أول من استخدم تعبير «انكماش الطول» عام 1893 عند محاولته تفسير النتيجة السلبية لتجربة ميكلسون ـ مورلى *. كما يطلق على هذه الظاهرة أيضاً «انكماش لورنتز».
ومن المهم أن ندرك أن الانكماش هنا ليس انكماشاً فيزيائياً، ولكنه نشأ عند المقارنة بين طريقتين مختلفتين للقياس: في إحداهما يكون الجسم المراد تقدير طوله متحركاً بالنسبة للمشاهد الذي يقوم بعملية القياس، وفي الثانية يكون الجسم ساكناً بالنسبة للمشاهد. وبصورة أخرى نقول إنه إذا تحرك قضيب بالنسبة لمشاهد ما في اتجاه طوله، فإن القضيب يظهر للمشاهد كما لو كان قد انكمش. أما إذا تحرك القضيب في اتجاه عمودي على طوله فإنه لا يظهر أي انكماش. وقد ارتبطت هذه النتيجة بما يعرف باسم «تناقض إرِنفست» *.