ولد لويس باستور في أسرة عادية من الطبقة المتوسطة و كان ابوه ضابطا برتبة صغيرة في جيش نابليون تركه بعد خسارته و أسس مدبغة صغيرة..
أظهر باستور منذ بداية دراسته مقدرة كبيرة في الرياضيات و الكيمياء أذهلت مدرسيه , و كان يعطي دروسا خصوصية للطلبة الأكبر منه سنا و الأعلى منه مستوى دراسيا , و أغرب ما في عبقرية باستور إتقانه الشديد لفنّ الرسم الذي تجلى في لوحاته التي رسمها لأمه و لأخته و ناظر مدرسته...
تحرج باستور متحصلا على الدرجات النهائية في الرياضيات و الكيمياء و الفيزياء و ذلك في سنة 1842 و قد بلغ 20 سنة, و كان كل وقته مقسم بين الاستماع الى المحاضرات و القراءة و إجراء تجاربه في المختبر , و لم يمنح نفسه يوما واحدا للراحة حتى في العطل المدرسية الا بعد أن تزوج من " ماري لوران " .
بعد حصوله على الدكتوراه بفترة وجيزة حقق باستور أول كشف علمي و هو المتعلق " بحامض الطرطريك" مما القى ضوءا ساطعا على طبيعة تكوين المركبات الكيميائية , و سطع نجم باستور و عين أستاذا للكيمياء في كلية "ديجون" التي سرعان ما تركها لاحسلسه باهمال الطلبة للدروس , و عين بعدها استاذا للكيمياء بجامعة ستراسبورغ اين وجد كل السعادة و النجاح و تعرف على الفتاة التي تزوجها فيما بعد و هي ابنة عميد الكلية " ماري لوبان", ثم عين عميدا لكلية العلوم بمدينة " ليل" و كانت تحوي أكبر مخبر علمي على مستوى فرنسا كلها .
كان النبيذ وقتها ثروة قومية لفرنسا و كان يمر بأزمة خانقة بسبب فساد النبيذ الفرنسي بعد تصديره الى الخارج , و عالج باستور المشكلة ووجد لها حلاّ باستعمال الخمائر المناسبة و كان كشفه مدويا في فرنسا و الخارج .... و زاد نجاح باسبور.
و نجح باستور بعدها في الوصول الى طريقة التعقيم المثالي للمواد الغذائية مما ساعد البشرية جم جمعاء في حل عشرات المشاكل المتعلقة بهذا المجال ويكفي أن نعرف أن الحليب المعقم نطلق عليه كلمة " الحليب المبستر" نسبة الى باستور .
و تمكن باستور من معرفة أثر الميكروبات في نقل العدوى من المريض الى السليم و يعود الفضل اليه في انقاذ صناعة الحرير الطبيعي في فرنسا من أكبر خطر يتهددها و هو مرض خطير أصاب دودة القزّ و كاد يقضي عليها جميعا .
و يعود الفضل اليه في اكتساب المناعة ضد الجراثيم المعدية , في البداية جرّب التلقيح مع الحيوان و نجح نجاحا كبيرا, و نجح في انقاذ الآلاف من " حمّى التيفوئيد" و لكن أعظم ما حققه كان علاج مرض الكلب بعد جهود جبارة و تجارب فاشلة كثيرة نجح بعدها في صنع المصل المناسب و جربه على طفل يبلغ من العمر 9 سنوات و شفي و كان هذا الكشف كمعجزة ربانية ومما يذكر عن باستور في هذه الفترة تعرضه للموت مرات عديدة عند محاولاته الكثيرة في الحصول على لعاب كلب مريض ,
و بعد هذا النجاح انهالت عليه الدعوات و التبرعات والهبات المالية لإنشاء معهدا لاستكمال ابحاثه حول الجراثيم و الأمصال المضادة للأمراض , و بدأ باستور في غنشائه و لكن الموت عاجله قبل اتمامه سنة 1895 ميلادية , فتكفلت الحكومة الفرنسية باكماله وتم انشاء المعهد الذي مازال موجودا الى حد الآن في باريس و يحمل اسم " معهد باستور " تخليدا لأعظم عباقرة الانسانية.